أطلق النار على قلبك

أطلق النار على قلبك أولًا ودائمًا، هو الشعور الذي يلازمني منذ سنوات، كانت سنوات عجاف، ولكنني دائمًا أتوقع الاسوأ وأخاف، فلن أطلق عليها كذلك، بل سأطلق عليها " سنوات مرت " وسأضيف في النهاية " لحسن الحظ، حقيقة أن الميزة التي تحملها هي سبب المعاناة التي تعانيها.

عندما أنظر لحياتي السابقة، أجد هذا الكم من المعاناة، أو ربما لم تكن المعاناة نابعة من أحداث حديثة، بل كانت نتاج ما حدث خلال سنوات عمري العشرين السابقة، مجموعة من المواقف، الواحد تلو الآخر، يجعل من الصعب على المرء أن يعيش بهدوء في مجتمع تسوده الضوضاء الفكرية، وهذا بالضبط ما حدث معي، وأنا كإنطوائي جمعت كل هذا الكم من المواقف على صدري، حملته في قلبي، قامت ذاكرتي بتصويره، صنعت منه مشاهد، صورته، أضافت له الموسيقى، وقامت بإخراجه، أستعيده في أوقات، هذا يؤلمني!.

أن تحمل تلك المواقف على مدار هذا الزمن الطويل، أمر صعب، مواقف مع المُعلم، مواقف مع أصدقائك، مواقف مع عائلتك، وأقاربك، والناس، آه الناس يا عزيزي، هؤلاء الكتلة البشرية التي تجلس على قلبي فلا تنزاح حتى تجعلني أصرخ ألمًا، قلبي لم يعد يحتمل الناس.

المُثير دائمًا حول الناس ليس فقط أن الناس هم مصدر ألمي، ولذلك أبتعد عنهم، أبتعد عن الحديث عنهم، بل في الآونة الأخيرة أصبح الناس على الرغم مما سبق ، هما مصدر معاناتي، أنظر إلى هؤلاء الناس وأتخيل كيف يمكن لحياتهم أن تكون بهذه القسوة والتعب، هناك في حياة العامل الألم ليس الأمل إطلاقًا، كُنت قريبًا لدرجة كبيرة أن أعرف كم يحتاجون للمال، كم يعانون من القسوة، كم تصبح الحياة قاسية عليهم في الليل، وينام بعضهم في البرد، والبعض الآخر السقف يرشح بؤسًا ومطرًا، هذه معاناة بحق، وبالتالي هذا الشخص يخرج للحياة قاسي، ربما كانت الحياة، إنها الحياة بكل تأكيد، كانت قاسية عليه، من نلوم حينما نتحدث عن الحياة، هل نلوم الظروف، أم كائن أعلى، حينما نلقى بكل غضبنا عن الحياة ونقول " كم أنت قاسية أيتها الحياة، من نضحك عليه، هل الحياة كائن، يأتي في الليل، يضرب تلك السيدة الفقيرة في عز البرد، حتى يجعلها تصاب بالأمراض، تُعاني، وتُعاني، من نلوم يا أصدقائي ؟

هذا الشخص الذي تعرض للبرودة طوال الليل، بينما هو يعلم جيدًا أسماء المُتهمين - كما يعتقد - وهم نائمون في نفس الوقت في الدفء، ما الذي تعتقد أنه سيتحول بكل هذا الغضب والحزن الكامنين في داخله، في قلبه تحديدًا، يريد الأذى للجميع بالطبع، يخرج للحياة، يحسد هذا ويحسد ذاك، يحاول أن يقاتل هذا، ويسلب حق ذاك، مُعللًا أنه بالطبع لديه ما يكفيه، أما هو فلا، وهو ما يجعل هذه المعركة صعبة، أنت لا تواجه بطلًا من نفس الوزن، بل أنت تواجه بطلًا من وزن أعلى، لا يمكنك بالطبع هزيمته، يمكنه هزيمتك وتشويهك من الداخل، هذا النوع من الأفراد بالطبع هناك مجموعة كبيرة جدًا منهم هم الأفضل، هم من يتحدون الظروف، ولكن هناك أيضًا من يخربون الحياة، ويجعلون الأوقات الصعبة أصعب، والحياة الصعبة، قاسية بشكل لا يصدق، ما الذي يمكننا فعله لنمنع حدوث ذلك ؟ لا أعتقد.

خلال كل هذا يمكنك أن تتخيل الحزن الكامن في قلبي، جراء كل شئ، المعاناة والفقد الذي يعيشه المُجتمع، هناك مواقف تجعلني أبكي طوال الليل، نعم أعرف ذلك، قلبي بكل هذا اللين، لن أناسب الحياة، ولكن ماذا لو كان الله يخلق بشرًا مثلي بين كل كم بشري آخر، بشر بقلب ضعيف مثلي، بقلب يمتلئ بمعاناة العالم كله، بمعاناة الصغير والكبير، لدرجة أنني أحبس نفسي في البيت، لا أريد أن أشاهد أحدًا، وبالطبع مررت بتجربة فيروس كورونا، الخوف يعتصر قلبي منذ شهر مارس من العام الماضي، وها قد حدث وزارني هذا الفيروس اللعين، الذي سلبني حاسة الشم، الأمر يضايقني كثيرًا، أبكي في أوقات، وأخاف أكثر، ألا أستردها، أدعو الله كل صلاة، وأنا مرتعد مما اقرأ في الصحف الأجنبية، والآن أجلس في المنزل، خائف حتى من مواجهة الناس، لقد نسيت كيف أتعامل معهم، لقد فقدت الشغف في التحدث إليهم.

تراودني فكرة الإنتحار دائمًا منذ فترة طويلة، كان هذا جراء حدث عنيف في نهاية 2018، كانت البداية لكل شئ، كانت بداية الخوف، والتقلبات، والإنسحاب، وعدم المواجهة، ومن ثم العودة من جديد والمواجهة على أنني ضحية، حتى الآن، تراودني تلك الفكرة، وتلح عليا كثيرًا، أن أتناول ما يمكن أن يجعلني أموت، ولكن ما الذي يحدث، هل هذا أنا؟، كُنت طموحًا، لا أعتقد أن حياتي كانت لتسير على هذا المنوال، لو حدث أو لم يحدث أشياء كثيرة، ولكن الحال يبقى كما هو، وأنا راضي يا الله به، ولم أشتكي أبدًا، ولكن كما تعلم هناك شئ في عقلي، هناك حرب، لا أستطيع إغلاقها، وسيطرة الفكرة علي تجعلني دائمًا، أحاول أن أخرج من هذا ولكن ماذا ؟ حياتي ؟

أنا راضي بما حققته حتى الآن ، لا يمكنني أن ألوم أحد على إخفاقي، ربما كُنت أستطيع تحقيق أكثر من ذلك، أن يكون لدي أصدقاء جيدين، على الأقل يتذكروني عند الموت، ولكن لا أعرف، ربما يمكننا تجربة ذلك، ونرى، على الرغم من أنني لا أعتقد ذلك، سيمر خبر موتي عاديًا، لن يهتم أحد، لن يزيل أحد صورته الشخصية من أجلي على أي حال 😂.

ربما سيعرف الكثير بشأن مدونتي، ربما أحدهم سيقرأها الآن، سيعرف أنني إنتحرت، ويقرأ ذلك، ولكن ثانية من سيخبرهم؟، لدي أصدقاء في أماكن عدة غير مشتركين، ربما لو مت لن يعرف بعض أصدقائي مدى الحياة، ربما فقط سيعتقدون أنه إختفيت، إن فكر أحدهم، سيخبر نفسه أنه ربما إعتزلت السوشيال ميديا، سيكون إختفائي مُجرد فكرة في رأسه لدقيقة، مُنذ أيام كُنت حزينًا جدًا وخائفًا، أتتني تلك النوبة التي تلازمني وغالبًا أكون وحدي إعتقدت أنها النهاية، وعندما نظرت إلى حياتي السابقة، لقد أهدرتها، كان يمكنني تحقيق المزيد، أعتقد ذلك، على الرغم من أنني راضي على أي حال، وهذا شعور يتضارب مع شعور آخر، وأهلا بك في عقلي 😂😪.


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الرابعة والنصف مساءًا بتوقيت دوسلدورف

حامل المخطوطة في ظلام أبدي ( قصة قصيرة )

فرحة البدايات - أول أسبوع في ألمانيا