في رثاء المملكة وألفريد العظيم
أيتها المملكة ....
إستمع إلى موسيقى المملكة الوحيدة في الخلفية من هنا
لا أعرف كيف يبدو الأمر من وجهة نظر المؤرخين، ولكنني حاربت حتى النهاية، لا أعرف ماذا سيقولون وكيف سيواجهني أعدائي ، وهؤلاء الجالسين في الطرقات، يستمتعون بالمُلخصات، ولم يأت ببال أحدهم أن يفكر ما الذي كان يواجهه ألفريد ؟
في ويسكس ، وينسشستر، قضيت أيامي، مع أخي كمستشار للحكم، قبل أن يموت في معركة مع الوثنيين، كانت أولى معاركى، التي إنتصرت فيها لأنني كُنت صاحب القرار، وكانت آخر معارك أخي الملك ، لقد أخبر مستشاره والذي بدوره أخبر المجلس، أنه قرر أن أكون أنا الملك وليس ولي العهد إبنه، لأن إبن أخي كان دائمًا في حالة سكر، يشرب الخمر، ويعاشر العاهرات، وهكذا قضى حياته، بلا قيمة.
أما أنا ألفريد، ربما كُنت مثله ولكنني في الظل، في مكتبي حيث جلست دائمًا، أسجل كل لحظة تاريخية في المملكة، كُل معركة، وكُل قرار، وكُل خطة، وكُل يوم غير عادي في حياة الشعب، كُنت أقابل العاهرات في المكتب أيضًا، حينها سألت الأب بيوكا، هل يغفر لي ؟ ، أخبرني أن الرب سيغفر، ولكن لا يجب أن أعود للآثام مُجددًا.
في ذلك الوقت بالتحديد، حيث تعرفت على مرضي، المرض الذي ظل يلازمني طوال حياتي القصيرة ، حتى النهاية، لذا لن أتعجل في سرد أحداثي، أحداث المملكة، وذكريات ويسيكس معي، الحروب العظيمة التي قضيناها سويًا.
بين كل قطرات المطر القادمة، هناك قطرة تستطيع أن تقسم حجر إلى نصفين، ليست تلك القطرة قوية، فهي في النهاية ماء، مثلها مثل الباقي، ولكنها قوة المُتابعة، والأثر، وقوة العمل الجماعي، هكذا كان حلمي مُنذ اليوم الأول، الممكلة المتحدة، مملكة واحدة تسمى إنجلترا، لا مزيد من الإنقسامات، لا مزيد من الوثنيين الدنماركيين، مملكة إنجليزية واحدة، أردت ذلك وحلمت به، وعملت من أجله، هل سيتابع إدوارد عملي في النهاية ؟ لا أعرف.
أدركت مُنذ البداية أنه لن يكون هناك سلام دائمًا، ولكن داخل حدودي، أردت أن يسود السلام، هناك شخص واحد كان يعكر صفو حكمي، رغم أنني أحترمه، إلا أنه كان متمردًا ..أوتريد، المحارب العظيم ..
كُل ملك عظيم، يحتاج إلا قائد جيش عظيم، لا إلى مستشار عظيم، بل إلى قائد جيش عظيم، ولذلك كان دائمًا هناك أوتريد، كُنت أخشاه وأمجده ، كان الجميع يخشون ألفريد ، أما األفريد فكان يخشى أوتريد، ولماذا لا ؟ فقد كان ذكيًا، طموحًا، ومحارب عظيم، وُلد ساكسونيًا مسيحيًا، ولكنه تربى وترعر دنماركيًا وثنيًا والأهم من كل ذلك أنه كان متمردًا، لسنواته الأولى لم يركع أمامي أبدًا، كان الأب بيوكا المسؤول عن التهذيب، كان يعمل في الكنيسة، وكان يخدم في البداية، في بينبانورغ حيث ولد أوتريد، ويُقال لي أنه حرره من القتل في بداية حياته، فقد كان يعيش حياة هادئة، في قلعة بيبنبانورغ مع والده وأخ والده، يُذكر أيضًا أنه كان مُتمردًا فقد تم تعميده مرتين، وهو الآن يعيش كوثني.
في يوم غائم، صلى الإخوة على هضبه للرب، يشاهدون المعركة، يبدو أن الإخوه مع الجيش المُنتصر، تأخر أوتريد الإبن الصغير على المعركة ، كان والده يهمله دائمًا ولم يعلمه شئ، ربما ، ولكنني لا أعلم شيئًا، لأن أوتريد كان متمردًا مثلما فعل معي، فقد كان أوتريد صعب المراس في أحيان كثيرة ..وربما دائمًا.
لقد قتل والده أمامه على يد الوثنيين، لقد نحر عنق والده أمامه، لا يمكنني أن أتخيل ما قد يؤثر ذلك على طفل صغير، أخذه الإيرل راغنارليعيش معهم، ومن هنا بدأت قصته مع الوثنيين الدنماركيين، ساقه القدر في ظروف عدة، ومرورًا بأوقات كثيرة، حتى فاجئني الأب بيوكا، بإحضاره إلى مجلسي، ومن هنا بدأت أعظم أمجادي، لقد جاء أوتريد قبل موت أخي بأيام معدودة..لم أظهر له أنني أحترمه ولكنني متأكد أنه سيعرف ذلك.
عندما هجم الدنماركيين الوثنيين على ويسيكس، لقد سقطت، هربنا مع بعض الإخوه من الكنيسة، إلى مستوطنة موالية لحكمي، هربت أنا وأسرتي، بينما كُنت ألحق بالمركب مُتنكرًا في ثياب شخص من الكنيسة، ويلحق بينا الدنماركيين، أعاني من آلام في البطن، ولا أستطيع أن أفعل أي شئ، كان هناك أوتريد وزوجته الثانية - الملكة إيثولت - كانت عذراء حينها، كانت لديها قُدرة على معرفة ما سيحدث، طالما أنها مازالت عذراء، في النهاية كان أوتريد مُخلصنا من الوثنيين، عند المركب، حينها نعتني بجملة لا أستطيع أن أنساها، عندما مارس تمرده مره أخرى أمامي، فذكرته أنني الملك، قال وهو يهمس " ملك اللاشئ "
كُنت هاربًا من مملكتي، بعد إن إستولي عليها فجأة الدنمارك، مُتوجها إلى مستوطنة تابعة لنا، بدون جيش، إنقسم جيشي إلى نصفين، هربوا ولم يقاتلوا، كان هذا إبن مستشاري أودا ، هرب وعقد سلامًا مع الوثنيين، على تنصيبه أمير، لحسن الحظ، كُنت هناك وأوتريد، نحاول أن نجمع جيش ويسيكس من جديد، رأيت تمرده، قبل أن يسحب أودا خنجرًا ويقتله.
في المستوطنة، بدأت في تجميع جيشي، كانت هناك أوقاتًا صعبة مرت علي، إنه إدوارد إبني، أخبروني أنه لن يعيش، لقد فقدت مملكتي للتو، مرضي يتفاقم علي، لا أستطيع الشعور بمعدتي، هناك سكين في أحشائي يتحرك، والآن تخبرونني انني سأفقد ولي العرش، إبني إدوارد، هذا مستحيل، أخبرني الكهنة من جميع الأماكن انهم سيصلون من أجل إبني، وكانت هناك الليلة، حيث أخبروني أنه لن يعيش للصباح، فقدت عقلي، وكذلك زوجتي، نصحتني الملكة إيثولت أن تتدخل بما ستفعله لتنقذ حياة إبني الوحيد، وهذا ما حدث، لم يكن هناك بيوكا ليردعني، كُنت قد أرسلت جميعهم إلى جميع البلاد، حيث سيبلغون الجميع بأنني مازلت على قيد الحياة، فلنجمع الجيوش من كل القلاع التابعة لنا، فلنجمع الأصدقاء ونذهب لمعركة واحدة، معركة أخيرة، بدلًا من الزحف من جديد مباشرة نحو ويسيكس، يتعين علينا أن نسعى لشحذ أسلحتنا لقتال واحد، بدلًا من عدة معارك.
في الصباح التالي، كان إبني على قيد الحياة، والأب بيوكا، قد عاد وهناك جيش معه، كانت لحظة لا تصدق، لذا عدنا مُجددًا للمعركة، معركة لم يشهدها أحد من قبل، قاتلنا، شعارنا الوحيد، والذي لم يتوافق أبدًا مع عقيدتي وفلسفتي في الحكم، هو " لا رحمة No Mercy " أراده الأعداء، فليحدث إذًا، لا رحمة ..ترجلت ودخلت إلى المعركة، لم أستطع أن أقف مثل الملوك أشاهد من بعيد، بلا رحمة، ظللت أصرخ، وسيفي يطلى بدماء الوثنيين، وإنتهت المعركة مُنتصرًا.
عدنا مرة أخرى إلى ويسيكس حيث كبرت أيثلفيلد إبنتي، وقد حان الوقت لتتزوج من أمير آخر او ملك ، وقد كان هناك أحد الأمراء، وقد زوجناها، زواجًا سياسيًا كانت مثل أبيها، لقد ربيتها لتصبح سياسية، وكأنها مُحاربة، تؤمن بحلمي، حُلم المملكة الوحيدة، مملكة إنجلترا.
قبل أن يخطئ الأمير الذي تزوجته، خطأه الشنيع، ويأخذها معه في حرب، وعندها بخطة ذكية، كُنت أقف لها إحترامًا لولا ظروف نشأتها، تم إختطاف إبنتي، من قبل الاخوين سيغاريد وأخيه، بالطبع كانت تلك اللحظة، خارج نطاق حكمتي، لم أفكر فيها بعقلي، لقد كُنت ساذجًا، سيكتب عني المؤرخون ذلك، لقد عرضت يا ألفرد سلام مملكة بكاملها مُقابل إبنتك، لقد عرضت حُلمك للخطر، ولكن لم تُعرضه، لقد ألقيت به في النار، لا أستطيع الرد.
لقد تصرفت من كوني أبًا يملك سلطة، ولو عاد الأمر مرة أخرى، سوف أفعل، سوف أجمع كل أموال الممكلة، والممالك المجاورة، وأذهب بها إلى سيغاريد وألقها أمامه، ولو تطلب الأمر لأن أركع أمامه، لكُنت فعلت، إنها إبنتي، ولا يمكنني لوم أي أحد.
وكالقمر، عندما يخرج من وراء الغيوم، في ليلة شتوية، ليهدينا في الطريق المُظلم المليئ بالأشرار، ظهر قائدي ومحاربي الشجاع أوتريد وأنقذها وحيدًا، وجاءت قبل معركة، كُنت سأوقف فيها مستشاري أوبا من الزحف تجاه سجن إبنتي لمحاربة الوثنيين بقيادة سيغريد وأخيه.
أيامي مرت بين تدوين وصلاة، بين حلم، ويقظة، حتى رأيت إبني إدوارد أصبح أميرًا، أخبرت أوتريد أن يعتني به، أخبرت بيوكا أن يحافظ دائمًا على حلمي، هل أستطيع أن أوفي بوعدي، هل تستطيع السماء أن تعطيني أيامًا أو ساعات أخرى لأحظى بتحقيق حلمي، لم يكن هذا ما يقلقني، ما يقلقني هو ضمان إستمرار حلمي بعد مماتي.
كتبت ذلك وأنا أشعر بالحزن، على الرغم من أنني لا أؤمن بالمرأة المشعوذة، إلا أنني دفعني الفضول ومرضي بالطبع إلى معرفة متى سيحين دوري، وأخبرتني في الصيف المقبل، لم يتبق لي سوى صيف واحد يا بيوكا.
تعليقات
إرسال تعليق