موجة الفيمينيست والتحرر

 


 



من اللى بنشوفه على السوشيال ميديا هو إتباع موجة جديدة من التحرر غريبة تحت مُسمى الفيمينيست ، وبرغم الناس اللى مع أو ضد الموجة دي إلا إني بفكر هو ازاي احنا وصلنا ليها اصلًا ! وهل على كدا الحياة قبل الموجة دي والنوع دا من التحرر كانت بشعة للدرجادي !؟ هل مثلا الفيمينيست دول كانوا قبل كدا محبوسين مثلًا ؟

عشان تجاوب على السؤال دا تعالا نروح في رحلة للماضي، أيام التلاتينات وما قبله ، وأكيد انا وانت شوفنا أفلامنا بتحكي عن الفترة دي او على الاققل بتصور لينا الناس في الفترة دي كانوا عايشين ازاي، الراجل اللى مكنش ليه أي حلم ولا طموح غير انه يلاقي شغل ، اهم حاجة كانت الشغل ، وان الست كانت بتنتظر يجيلها الراجل دا ، الراجل اللى هتكمل حياتها معاه ..العصر دا مكنش فيه اد كدا تعليم للبنات يمكن او يمكن كانت بتبقى حاجة عادية او كانت لسه في بدايتها ، بس خلينا نركز اكتر على الأرياف والأماكن البعيدة  ليه ؟

 لأن لو انت ركزت مع المدينة هتلاقي ان المدينة من ايام قاسم امين وهي بتطور ، ويمكن المدينة بتاعت النهاردة من حيث موجة الفيمينيست الجديدة مُشابهة لحد ما مع موجة قاسم امين ودعوات التعليم والجامعة اللى كان بيقودها ..

لكن في الأرياف ، كان قاسم امين بعيد شويتين عن اللى بيحصل في الأرياف ، وبرغم ان التطور اللى حصل في المدينة ودعواته جابت فعلًا والمدينة اتغيرت بنسبة 60% مثلا فالريف كان لسه موصلش ليه حاجة والقرى البعيدة كانت لسه عايشة تقريبًا الحياة التقليدية لسه 

البنت كانت بتستنى وصول الرجل المناسب من وجهة نظر أهلها، مكنش في حب ولا أي حاجة من دي ، كانت بتنتظر وخلاص ، مُجرد خدمة في بيت الأب وتتعلم من والدتها الحياة ماشية ازاي ومن خلال مراقبتها للوضع اللى بيحصل في البيت بتتشكل دماغها مع شوية من الفطرة، بتكون جاهزة تبدأ مشوار ورحلة جديدة مُستقلة ولا يسعها سوى الإنتظار ..

أما على الضفة الأخرى كان الرجل، بيشتغل وبيجاهد، بيحاول يتعلم عشان الوظيفة، الحلم المثالي وقتها هو الوظيفة، باشا وأفندي وألقاب الحصول عليها كانت من خلال التعليم والوظيفة وكان دا قمة الحلم وقتها مُرتب مكنش في مشكلة لكن الوظيفة هو الوصول ليها كان صعب ، فسواء إنت كُنت طالب بتحاول تنهي دراستك عشان تلاقي وظيفة أو طالب خلص البكالوريا وراح يشتغل أي شغلانة عادية في النهاية بيكون الجواز هو الخطوة التالية، ومع وظيفة أو شغلانة عادية بيتحدد البنت المُناسبة للشخص دا ..

كانت مجرد شخص عادي بيشارك في البيت بالدور بتاعه وكان الرجل دوره معروف، قليل من الكلام بينهم وشبه عدم تواصل اصلا ! ، وبيت مليان عيال ، وإنشغالهم هما الاتنين بعد كدا بتربية العيال دي ، كانت الزوجة مُجرد الحاكم الثاني للبيت أو كما تقول " نائب الحاكم " في أوقات كانت الست مُجرد طفلة اخرى من أطفال البيت لا عليها حكم ولا ليها كلمة ..


جينا احنا في التمانينات والسبعينات ، قولنالها انزلي اتعلمي ، اشتغلي ، اتحرري ، فكانت الصدمة هنا ، الست قابلة قدامها المسؤولية في المُجتمع، ما بين فرحتها إنها بقا ليها مُرتب، وحياة مستقلة، طريق تقدر تمشي فيه بجانب حياتها ودورها في الأسرة، وما بين مسؤولية الرجل، وكان في البداية ، الرجل بيحب يرمي عليها الدوربتاعه، فتلاقيها متجوزة وبتشتغل وبتقبض مُرتب أكثر من الزوج ، وبتلاقي إنها بتشارك في البيت بالمصروف ، مع الوقت أصبحت هي ليها نفس الدور بتاع الرجل وأكثر ، ما الرجل بقا بيديلها مسؤولياته.

ودا اللى حذر منه د مصطفى محمود في كتابه " الحب والحياة " تقريبًا في عام 1979 ، إنه يكون عندنا الموجة دي ، وخاف إنها هتحصل وحصلت ..

الفكرة إن الجيل الجديد من الفيمينيست وحوار الحرب اللى بيقودها ، ما هي إلا حرب على نفسه، حرب على شخصيته القديمة، ليست على المجتمع على الإطلاق ، بل في النهاية هيكون عواقبها ضياع الهوية الأصيلة للمرأة ، بعد تشبهها الكبير بالرجل ، مما يترتب عليه ضياع هوية المرأة وأنوثتها، بعد ما يكون كشف جزء من ساقها وذراعها هو مثال للتحرر، دا شبه كدا ما افتح باب البيت بتاعي لكل الناس واققول بيتي وأنا حر ، فدا هيترتب عليه ان بيتي نفسه هيتسرق والغلطة مش هتكون على الجيران هتكون عليا انا وبيتي ...

التقليد الأعمى بدون دراسة أو حتى قراية وعقل متفتح بدون ما يكون فيه معلومات ، هتبقى كارثة وضياع هوية المرأة نفسها، التمرد على الدور الأساسي هتبقى مُشكلة غير محسوبة العواقب ، فالمُدهش انك تلاقي ان في مشكلة بينهم وبين الدور الأساسي في الأسرة ،احنا ببساطة لينا عادات وتقاليد مش زي الاجانب ، يمكن نقلد ، يمكن نحاول نختار اللى ينفعنا ويخلينا أفراد احسن لكن إننا مناخدش غير الخيبة دا هيكون مُشكلة لينا ، فالحد اللى ميعرفش يتمسك بأصله دي هتبقى مشكلة ...

موجة الفيمينست، لازم تكون الموجة اللى بتخلي الست تبقى أفضل وتطور من نفسها ومجتمعها، تدور على نقاط الخلل وتحاول تصلحها وتقدم فيها دور كويس لكن زيادة الفجوة ونبش ثغرات جديدة هيبقى مشكلة ..

تحياتي .







تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الرابعة والنصف مساءًا بتوقيت دوسلدورف

حامل المخطوطة في ظلام أبدي ( قصة قصيرة )

فرحة البدايات - أول أسبوع في ألمانيا