غرباء في مدينة ماونتن - الفصل الثاني

 




عدت إلى مقعدي، خالي الوفاض، خالي القلب، كما أصبحت أيامي خالية، أسرح بخيالي في ماري، وأفكر في حالها لم يسبق لي أن سافرت بدونها، كانت المقربة لقلبي، الوحيدة التي تعرف كيف تجعل الحياة أفضل بالروتين العادي.

خذ هذا المشروب ، على حسابي ..

قالت فتاة تجلس إلى جانبي، إبتسمت لها وشكرتها، وتابعت :

ليست الأمور بخير ، أليس كذلك ؟

لا ليست كذلك ..

زواج أم عمل ؟

نظرت إليها وكانت جميلة ولم أرد أن أفقد معرفتها، كذبت عليها وقُلت :

عمل ..أمور مُتعلقة بالعمل مع شريكي .

ضحكت وقالت :

لا تبدو من أصحاب الأعمال .

وكيف يبدو أصحاب الأعمال ..؟

مُتعصبين للغاية، لا يتعاملون كما تتعامل في كابينة الهاتف، لقد راقبتك، أعلم أنه شئ سئ أن أتدخل في خصوصيات ولكني أقسم أنني لا أفعل ذلك مع أي شخص ، فقط بدا الأمر لي مُحيرًا أن أراك تتوسل إلى الهاتف بتلك الطريقة ..

ضحكت وسألتها:

هل بدوت مثيرًا للشفقة إلى هذا الحد ؟

لا بل كُنت مُضحكًا ...بالنسبة لشخص يتوسل إلى شريك عمله الغاضب ..

وكيف يبدو التفسير الصحيح في نظرك ؟

أعتقد أنه زواج على وشك الإنتهاء ..أنا آسفة ولكن يمكنني قراءة الناس .

كانت جميلة، عذبة الحديث، وشعرها قصير، مُبتسمة دائمًا، تبدو من النوع المرح ومُنفتحة للحديث، لقد جذبتني، أعترف بذلك، وأنني من النوع الذي يسهل عليه أن يحقق في ذلك. وتجنبت الحديث لبضعة دقائق ولكن لم أصمد.

إذا ..أنا جوزيف

أنا كاثرين ..يسعدني التعرف عليك ..رغم أنه لا يسعدني كثيرًا التعرف على الناس، ولكنني سعيدة بالتعرف عليك ..يا إلهي لا يمكنني أن أصمت

وضحكنا سويًا قبل أن تقول :

حسنًا ..أنت جوزيف ..يفترض أن تعثر على الطفل أوليفر بحلول الصباح، الجميع ينتظر ذلك ..لن أستطيع مُساعدتك إن لم تفعل ..

حسنًا سوف أحاول أن أعتمد على حظي ..

تعرف أن جميع الأنظار موُجهة ناحيتك ..

كيف ؟

ليس هنا فقط ..بل على الإنترنت أيضًا ..ألم تتابع ؟

لا ليس لدي الوقت لأتابع ذلك .

حسنًا أنا لدي الوقت ..

وأخرجت هاتفها وأرتني خبرًا يحمل صورة لي كبيرة لابد أنها إلتقطت عندما وصلت إلى بيت أوليفر، ومكتوب " المُحقق جوزيف يصل إلى ماونتن ، ماذا بعد ذلك ؟ "

قلت لها :

الكثير يراقبونني إذًا ..

إنها شارلوت ..صحفية ولديها مدونة أخبار ، إنها تتابع القضية مُنذ البدء وصدقني إنها شرسة للغاية، ولديها الكثير من المُتابعين.

 

وبينما نتحدث، دخل جيمس وقال :

حسنًا أيها المُحقق، يبدو أنه لدينا مشتبهًا به ..

نظرت إليه بإستغراب، وأين كان هذا المشتبه به قبل أن آتي، وهل ظهر فجأه ؟

إنه جون

نظرت إلى كاثرين فوضحت لي :

إنه سكير دائمًا، ويفتعل المشاكل، لا يبدو لي أنه قادر على إخفاء أوليفر، أو حتى فعل ما هو أسوأ ، ربما سارق ، أو مُنتشي لكن ليس قاتل أو مُجرم ..

المعذرة يا سيدة كاثرين ، لا يبدو لي أن المُنتشيين لا يمكنهم إفتعال هذا النوع من الجرائم ..كما أنه يا سيد جوزيف ، إنه مُختفي مُنذ إختفاء أوليفر ..

قلت :

وهل يُعقل أن يكون في البلدة حتى الآن ؟

لقد وزعت رجالي على محطة القطار ، لمعرفة من يخرج ويدخل، ولقد بدأنا في البحث عن جون ..

هذا جيد يا جيمس ..يجب أن نعثر على جون ، أما الآن فيجب أن نذهب أنا وأنت إلى منزل أوليفر ..يجب أن يعرف الوالدين من نبحث عنه ..

قالت كاثرين :

هل تريدنني أن أرافقك ..

رد جيمس بعنف :

المعذرة يا سيدة كاثرين ..إنها ليست رحلة ميدانية ..لدينا عمل ..

أنا صديقة ل جينفير والدة أوليفر ويمكن أن يكون حضوري لطيف لسماع أن هناك من نبحث عنه وقد يكون الفاعل الحقيقي ..

 

نظر إلي جيمس فقلت :

يبدو أننا نحتاج إليها يا جيمس ..سوف ترافقنا السيدة كاثرين لمنزل أوليفر .

لم يحب جيمس ما فعلته ولكنه ظل يرمقها بنظرات طوال الطريق عندما جلست معنا في السيارة، وأفهم خوف جيمس من أن يفقد سيطرته في البلدة، وعلى الرغم من أن الصمت قد غلب الطريق، إلا أن كاثرين كعادتها مرة أخرى كسرته قائلة:

تعرف أن المدينة كانت تعج بالسياح، بسبب تلك الهضاب هناك المُظلمة، وتم تصوير الكثير من الأفلام هنا، وهو من الأماكن التي تعجب المصورين كثيرًا.

أود أن أجرب ذلك .

قالت مُتفاجئة :

هل تحب التصوير ؟ هل تملك كاميرا ؟

بالطبع أحب التصوير ، ولدي الكثير من الصور في جميع الأماكن التي زرتها، ولكن لم يسبق لي أن زرت مكانًا مثل هذا ..

هذا رائع ..

ماذا تعملين إذًا

أنا مُرشدة سياحية هنا ، أو ربما كُنت كذلك ، قبل أن يتوقف السياح عن المجئ إلى هنا بسبب تلك الحادثة.

إذا سوف أطلب منك أن تصطحبيني غدًا إلى بعض الأماكن للتصوير

حسنًا إتفقنا .

وصلنا إلى بيت أوليفر، وعندما توقف سيارة الضابط جيمس ، المعروفة في البلدة، نظر والدا أوليفر من وراء الزجاج، حدقا بالسيارة جيدًا، بدت في أعين جينيفر الأمل، والترقب لرؤية أوليفر ينزل من السيارة ولكن يسل بتلك السرعة يا سيدة جينيفر، عندها عرفت أنني على مسؤولية ليست بالهينة، ويجب أن أحل تلك القضية بأكبر قدر من السرعة وعلى الرغم من أنني قد وضعت كُل الإحتمالات في التفكير في مكان إختفاء أوليفر ، الإحتمالات العادية، ولكنني إستبعدتها كُلها في تلك الجلسة مع جينيفر وروبرت، وعندما عدت ذلك المساء إلى البيت وقبل أن أترك جيمس، أخبرته :

يجب أن نحضر جون ، يجب أن نستبعد إحتمال أن يكون هو الفاعل ؟

قال جيمس وبدا في نبرته الخوف من الفشل :

ماذا لو كان جون ليس الفاعل ؟ من يكون إذَا ؟

توقفت قليلًا للتفكير ثم عدت وقلت :

حقيقةً لا أعرف يا جيمس ..

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

صور كثيرة على الجدار، الكثير من المُنبهات، تضع الإحتمالات، وتستبعدها ، قطع الشطرنج توضع وتلقى بعيدًا، ليس من القريب أو من بعيد أن تكشف على مصادر معلوماتك، إختفاء طفل بعد المدرسة، ما الحل ؟

ثلاث إحتمالات بعد إحتمالية أن يكون الخاطف هو جون، هل قتلوه أصدقائه؟ ربما مغامرات يفعلها الأصدقاء، لذا سوف يكون هناك أطفال مُشبته بهم، ربما، إختطفه أحد ليساوم الأهل، خصوصًا لمعرفة أن روبرت، موظف بنكي، لديه الكثير من الأموال ليدفع فدية، فلابد أن هذا السبب، ومُحتمل جدًا في بلدة ، نظامها الأمني ضعيف إلى هذا الحد، ولكن من يكون ؟، وقبل أن أضع المُشتبه بهم، فالسؤال هو ، عشرة أيام ولم يتصل بهم أحد ليخبرهم أنه يضع مبلغًا من المال مُقابل عودة أوليفر ؟ ، ما الذي ينتظره ؟ دعوة مثلًا ؟ ، في العادة تلك الإحتمالات من الخاطفين، لا تستغرق للترهيب على الأقل سوى ثلاثة أيام فقط، وعندها جرس الهاتف يرن، ليعلن عن الفدية ؟ وعلى حد علمي لم يفعل أحد ذلك.

الإحتمال الآخر، أن روبرت لديه أعداء، قرروا أن يؤذوه فليختطفوا إبنه، بعض الأشخاص الذين يريدون من روبرت أداء مُهمة معينة في البنك، حسنًا سرقة أو ما إلى ذلك. لذلك كان لابد من إستجواب روبرت في الصباح التالي.

في الصباح ، وخارج المنزل، لأنني لم أرد أن أذهب للمنزل مرة أخرى خالي الوفاض وأن أضع السيدة جينيفر في هذا الوضع مرة أخرى، لذلك قمنا بإستدعاء روبرت بهدوء إلى قسم الشرطة.

سيد روبرت ، شكرًا لزيارتك.

هل هناك جديد يا حضرة المُحقق ؟

نحن نعمل على ذلك ..ونود منك أن تساعدنا

بدا روبرت مستغربًا، فأكملت كلامي :

هل تعتقد أن أحدًا قد فعل ذلك ؟ هل هناك عداوة بينك وبين أحدهم ..فكر في أي موقف ربما تكون صنعت أعداء وأنت لا تدري، أو أن هناك بعض المتربصين بالبنك الذي تعمل فيه، يريدون أن تساعدهم على شئ ..

لا أعتقد ذلك ..علاقتي جيدة بالناس.

لم تردك أي مُكالمات بعد إختفاء أوليفر ..؟

ولا شئ  ..

فلتحكي لي عن اليوم الذي إختفى فيه أوليفر ؟

بدا وعيناه قد إغرورقت بالدموع فقال :

لقد وصلت أوليفر إلى المدرسة بسيارتي، أنا أقوم بإيصاله ، ويعود هو للمنزل لأنني أعود في وقت متأخر، لقد وصلته إلى المدرسة ، شاهدته وهو يسلم على أصدقائه ويذهب إلى المدرسة ، وبعض ذلك تحركت بالسيارة، في المساء عندما عدت إكتشفت أنه لم يعد، بدأنا في التحدث مع أهل أصدقائه والمدرسة ، ولكن قال أصدقاءه أنه لم يعد معهم، لقد إفترقا عند المدرسة .

وهل هذا مُعتادًا لدى أوليفر ..أن يعود للبيت وحيدًا ؟ أو أن يتركه أصدقاءه.؟

في الطبيعي يعود من المدرسة مع أصدقاءه ولكنه لا يتأخر ، وعندما يتأخر نعرف أنه سيتأخر وأين سيكون، وعندما حدث ذلك ، أبلغنا جيمس في المساء، وأخبرنا أن ننتظر للصباح، وعرجنا على بيوت أصدقاءه ولكن لم نعثر عليه، في الصباح تم إعتبار ذلك إختفاءًا وبدأنا في البحث ، عشرة أيام أيها المُحقق ولم نجد أوليفر ..هل تعتقد أنه .....

وبدأ أوليفر في البكاء ، حاول جيمس التخفيف عنه قائلًا :

أيًا كان موجودًا سوف نجده يا روبرت ..لن أطلب منك ألا تقلق ولكن أطلب منك أن تضع ثقتك في المُحقق روبرت ..سوف نعثر عليه يا روبرت.

حسنًا يا سيد روبرت ، هذا كُل شئ ، يُمكنك الإنصراف.

وإنصرف روبرت.

لقد تعاملت جيدًا في الكثير من المواقف المُشابهة ولكن في هذا الموقف لم أستطع ببساطة، ربما وجود ماري كان يُهون، وربتها على كتفي كان يمدني بالشجاعة لمواجهة مخاوفي في عدم حل تلك القضايا.

قلت إلى جيمس :

أخشى أن كل يوم ينتهي يا جيمس لن نستطيع العثور على أوليفر حيًا ..ولن نستطيع الوفاء بالوعد الذي قطعناه إلى جينيفر ..

لم يتحدث جيمس بأي شئ ، لذلك أخذت مُعطفي وخرجت ، نادى جيمس:

إلى أين تذهب ؟

أريد أن أفكر ..سوف أذهب إلى المقهى، إن كان هناك جديد تعلم أين تجدني

ذهبت إلى المقهى، عرفني نوح في البداية، وأخبرني :

أنا أحب فكرة تواجد الناس في مقهاي أيها المُحقق ولكن ليس أنت ؟

لماذا ؟

وجودك هنا يجعل الناس يعتقدون أن لا تعمل بالشكل الكافي ..

ظهرت كاثرين من الخلف وقالت :

حسنًا يا نوح ..سوف أجعله يختفي ، هيا بنا لدينا جولة ..

أخذتني كاثرين في سيارتها ، لم نتحدث ظللت أنظر إلى الهضاب، كانت سكة القطار، تزين الهضاب، يمر القطار بينها، فقالت كاثرين عند توقفنا على إحدى تلك الهضاب وكنا نرى القطار يتحرك:

تم صنع العديد من الأفلام هنا ..

حقًا ؟

بالطبع هناك العديد من الأفلام ، مثل أسطورة الغرب، والصندوق الأسود وغيرها ، ومزية تلك الهضاب وجود الكهوف، قد تم إكتشافها بواسطة آخرون إنها مرعبة بالطبع، سوف آخذك إليها في نهاية جولتنا.

قلت لها سوف أحضر الكاميرا من حقيبتي

وبدأت في تصوير كُل شئ حولي، الشمس والغروب، القطار الذي يمر كل ساعتين كما جلسنا.

حسنًا ..هل لديك عائلة يا كاثرين؟

بالطبع لدي ، ولكن ليست الأمور في أفضل وضع بيني وبين عائلتي ، وأين يذهب الإنسان عندما تصبح الأمور متوترة مع عائلته ، يعيش وحده.

تعيشين لوحدك إذًا ؟

وأعمل كمرشدة سياحية، ولكن العمل ليس على مايرام في الفترة الأخيرة، لذلك لدي زبوني الذي لن يدفع لي أجري اليوم ..

ضحكت وقلت :

أعتقد أنني أخبرتني أنها هدية ..

يأتي الكثير من الغرباء  كل يوم إلى ماونتن

قاطعتها وقلت لها فجأة :

الغرباء ؟ ...كيف لم أفكر في ذلك ..لابد أن أحد الغرباء قد فعل ذلك ..

وجون ؟

جون ليس موجودًا ...لا يجب إستبعاد أن يكون المُجرم أحد الغرباء .

رن هاتف كاثرين ، ردت وقالت :

نعم ..إنه معي ..حسنًا ..سوف نأتي في الحال ..

أغلقت الهاتف وقالت لي :

إنه جيمس ..لقد عثر على جون.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الرابعة والنصف مساءًا بتوقيت دوسلدورف

حامل المخطوطة في ظلام أبدي ( قصة قصيرة )

فرحة البدايات - أول أسبوع في ألمانيا